عَمَّدَ الفلسطينيون بدمائهم الزكية، الذكرى الـ18 لاندلاع "الانتفاضة الثانية" - "انتفاضة الأقصى"، بتقديم 7 شهداء وأكثر من 500 جريح، برصاص قوّات الإحتلال الإسرائيلي، التي استهدفت مسيرات العودة لكسر الحصار، في جمعتها الـ27، والتي حملت إسم "جمعة انتفاضة الأقصى" على حدود قطاع غزّة.
وتزامن ذلك، مع تردّدات خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأمم المتحدة، وانتخابه رئيساً لمجموعة 77 والصين، حيث اعتُبِرَتْ تزكية 134 دولة لتولّي الرئيس الفلسطيني رئاسة هذه المجموعة للعام 2019، دليلاً قوياً على دعم فلسطين وأهليتها في الأمم المتحدة رئيساً للمجموعة، ما يستدعي رفع مستوى الاعتراف بعضويتها الكاملة.
وأيضاً بتأكيد التصدّي لمحاولات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التفرّد بالقرار على صعيد العالم، وقراراته الجائرة ضد الفلسطينيين، حيث رفعت فلسطين، بشكل رسمي، دعوى قضائية أمام "محكمة العدل
الدولية" ضد الولايات المتحدة الأميركية بخصوص نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس.
وجاء في بيان صادر عن المحكمة أن "الجانب الفلسطيني يعتبر القرار الأميركي انتهاكاً لاتفاقية فيينا للعام 1961".
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرت في 21 كانون الأول 2017، بأغلبية ساحقة، مشروع قرار "يرفض تغيير الوضع القانوني لمدينة القدس"، وذلك بعدما كان الرئيس ترامب قد أعلن "أن القدس عاصمة حقيقية لإسرائيل"، ووقع في (6 منه) على قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، التي افتتحت رسمياً في 14 أيار 2018، مايو الماضي سفارتها في القدس،
وكذلك، بتوجيه العالم صفعة جديدة للرئيس ترامب، بردّه على وقف دعم الولايات المتحدة إلى "الأونروا"، البالغ أكثر من 350 مليون دولار أميركي، بتأمين هذا الدعم من تبرّعات الدول المانحة، حيث عُقِدَ اجتماع وزاري في نيويورك جمع تبرُّعاً بقيمة 122 مليون دولار، في إطار المساعي للتغلّب على العجز المالي المتبقي لدى الوكالة الدولية، والبالغة قيمته 186 مليون دولار، بعدما كان قد وصل هذا العجز إلى 446 مليون دولار، وهو مستوى غير مسبوق، من أصل الموازنة العامة البالغة 1.2 مليار دولار، وذلك للحفاظ على عمليات "الأونروا" في مناطق عملها، التي تشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية، غزّة، لبنان، الأردن وسوريا.
واستضاف عقد هذا الاجتماع وزراء خارجية الأردن والسويد وتركيا واليابان وألمانيا، إلى جانب الممثّل السامي للاتحاد الأوروبي ونائب رئيس الاتحاد.
وأعلنت الكويت والاتحاد الأوروبي وألمانيا والنرويج وفرنسا وبلجيكا وإيرلندا عن تعهّدات تمويلية إضافية.
حضر الاجتماع وزراء ومسؤولون رفيعو المستوى من 34 دولة عضواً ومنظّمة، من بينها جامعة الدول العربية، "منظّمة التعاون الإسلامي"، "البنك الإسلامي للتنمية"، والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس الجمعية العامة والمفوّض العام لـ"الأونروا"، وإثنان من الطلبة اللاجئين الفلسطينيين.
ووجّه المفوّض العام بيير كرينبول الشكر إلى دول الأعضاء على دعمها الاستثنائي، قائلاً: "لقد شهدنا اليوم لحظة مؤثِّرة من الإلتزام والتضامن مع اللاجئين الفلسطينيين. أشعر بالامتنان العميق للرؤساء المشاركين في عقد هذا الاجتماع المهم وإظهار قوّة العمل الجماعي".
إلى ذلك، شهدت مسيرات العودة وكسر الحصار على حدود قطاع غزّة، أمس، مواجهات عنيفة بين عشرات آلاف المتظاهرين الفلسطينيين المسالمين وقوّات الإحتلال، التي نشرت قوّات إضافية على طول الحدود، وأطلقت قنّاصة الإحتلال الرصاص بشكل متعمّد باتجاه المتظاهرين، ما أدّى إلى استشهاد 7 مواطنين، غالبيتهم بالرأس والصدر، وبينهم طفلان وجرح 506 آخرين.
وأعلنت وزارة الصحة في غزّة عن أنّ الشهداء، هم: الطفل محمد نايف الحوم (14 عاماً) الذي استشهد إثر إصابته في الصدر شرقي مخيّم البريج، والشاب إياد الشاعر (18 عاماً) والشاب محمد وليد مصطفى هنية (23 عاماً) من مخيّم الشاطئ، والشاب محمد بسام شخصة (25 عاماً) وجميعهم من سكان مدينة غّزة، فيما ارتقى الشهيد الخامس في خانيونس - جنوب قطاع غزّة، وهو الطفل ناصر عزمي مصبح (12 عاماً) شرق خان يونس، بينما استشهد محمد علي محمد انشاصي (18 عاماً) شرق خان يونس، ومحمد أشرف محمد العواولة (23 عاما).
ونُقِلَ من الجرحى 90 أصيبوا بالرصاص الحي من بين 210 وصلوا إلى المستشفيات، فيما تم علاج البقية ميدانياً.
ومن بين الجرحى 3 بحال الخطر و35 طفلاً و4 مسعفين و3 صحفيين.
وقام المتظاهرون بإشعال الإطارات المطاطية، وتمكّنوا من اجتياز السياج الأمني مرّات عدّة، حيث رفعوا العلم الفلسطيني فوقه، وأطلقوا العديد من البالونات الحرارية التي سقطت في غلاف قطاع غزّة.
وارتفعت حصيلة الشهداء إلى 193 منذ انطلاق مسيرات العودة في 30 آذار الماضي.
فيما نجح نشطاء فلسطينيون في إسقاط طائرة إسرائيلية صغيرة في مخيّم العودة - شرق رفح - جنوبي القطاع، في وقت كانت مدفعية الإحتلال تُطلِق قذائفها مرّات عدّة على نقاط الرصد شرق مدينة غزة.
وتوجّهت "الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار" بالتحية إلى أرواح شهداء مسيرات العودة وشهداء انتفاضة القدس، معلنة عن أنّ الجمعة الـ28 في الأسبوع المقبل، ستحمل إسم "جمعة الثبات والصمود".
إلى ذلك، وفي اليوم الـ101 للاعتصام في خيمة التضامن المُقامة في قرية الخان الأحمر - شرقي القدس، رفضاً لقرار الهدم الإسرائيلي، أدّى العشرات من أهالي القرية والفلسطينيين والمتضامنين، صلاة الجمعة في خيمة التضامن.
وبعد الصلاة، انطلق المشاركون في مسيرة نحو الشارع الرئيسي، الواصل بين القدس وأريحا، رافعين الأعلام الفلسطينية، ومردّدين هتافات مؤيِّدة للحق الفلسطيني، ومؤكدة الصمود والثبات، ومندّدة بجرائم الإحتلال.
وقال رئيس "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" الوزير وليد عسّاف: "إنّنا صامدون في الخان الأحمر، وتجاوزنا المئة يوم من الصمود والثبات والتحدّي، وسنستمر في الفعاليات حتى إسقاط مخطّطات الإحتلال الإسرائيلي، الهادفة للاستيلاء على الأرض وإقامة المشاريع الاستيطانية".